من أهم ما يتجلى فيه الجمال ويحمل الثقافة الجمالية في ذاته الفن والأدب، وذلك ما يجعل رسالته جمالية، وتعمل على تحقيق غاياتها بالتسلح بقيم الجمال؛ عبارة، وصورة، وموقفا وحالا.
شكل مبحث الجمال بؤرة مركزية في التفكير الديني، والفلسفي، والنقدي عبر العصور. فمن اعتبار الآلهة مصدر الفن مع أفلاطون كانت المثالية في النظرة للجمال. وبموجب ذلك فالشعر مفسد للأخلاق، والشعراء لا مكان لهم في المدينة الفاضلة إلا إذا مَرَّ شعرهم على حكماء المدينة، وصادقوا عليه. وقد اعتبرت نظرية المحاكاة الطبيعة مصدر الجمال. وهي النظرية التي هيمنت على الفكر لقرون طويلة. وكان الفن نتيجة ذلك تقليدا على مستوى الإبداع -إذ الطبيعة مصدر الجمال وقمة تجليه-، وتطهيرا على مستوى الوظيفة.
فالثقافة ليست مجرد مجموعة من القيم والعادات، بل هي الإطار المرجعي الذي يحدد كيفية تصرف الأفراد، وتفاعلهم مع الآخرين، ونظرتهم للعالم من حولهم.
في هذا القسم، سنقدم مقدمة عن علم النفس الثقافي وأهميته في فهم العقل والسلوك. سنستعرض دراسات العلم النفسي الثقافي وأبحاثاه الهامة في هذا المجال ونتناول تأثير الثقافة على النفسية وتحليل السلوك الثقافي في المجتمعات المتنوعة.
تتضمن هذه الدراسات استخدام منهجيات متنوعة مثل الأبحاث الميدانية والملاحظات والاستبيانات والمقابلات لفهم العوامل الاجتماعية وتأثيرها على النفسية.
تساعد الثقافة على الحفاظ على التراث الثقافي والتقاليد واللغة، مما يؤدي إلى الحفاظ على ثوابت ثقافية تميز كل مجتمع عن غيره.
لا بد من المعرفة الكاملة والإدراك أن الإنسان الذي تواجد بشكل رسمي في بيئة معينة بفعل مؤثرات ثقافية ما، سيدرك بنفسه بأن للثقافة قوة معينة مؤثرة تجعله يتماشى ضمن حدود شبكة ثقافية شديدة التعقيد إلى الحد الذي سيضطر معه إلى التفاعل من خلالها لكي يفي بمتطلبات الحياة من الناحية الزمانية والمكانية التي وجد نفسه مجبراً للقبول بها كجزء من مجتمع بشري يسير تأثير الثقافة على السلوك البشري وإياه في دهاليز عملية تفاعلية مبرمجة ثقافياً في إطار جغرافي وتاريخي محدد.
- تساهم الثقافة في تحديد هوية الأفراد من خلال القيم والمعتقدات التي ينشؤون عليها.
نخلص في نهاية هذا البحث إلى جملة من النتائج يمكن بيانها في الآتي:
ترسم الثقافة الجمالية حضورها في تنمية السلوك، وتقويمه عبر العديد من المداخل ربما أبرزها: المداخل المعرفية، والمداخل النفسية، والمداخل السلوكية، والمداخل الفنية.
تُعْنَى “الجمالية” عموما بدراسة الجمال، سواء كان طبيعيا في الموجودات(جمال المناظر والمشاهد الطبيعية وغيرها)، أو متعلقا بالإنسان؛ مظهرا، ومخبرا( جمال الخِلقة والملبس، وجمال الأخلاق، وجمال السلوك)، أو بما يَنْتُج عن الإنسان من فعل إبداعي متمثلا في الفن بشتى صوره، أو متعلقا بما يُحدثه الإنسان من تغيير في محيطه الطبيعي من عمران، ومصنوعات وغيرها.
إن كل ما سقناه من أفكار وعلاقات، تربط بين الثقافة الجمالية، والسلوك الإنساني، يؤكد ضرورة العناية تأثير الثقافة على السلوك البشري بالثقافة غير المادية كرأسمال ثقافي، بإمكانه أن يجعل ما هو ثقافي غير مادي يسهم بشكل فعال في الإنتاج المادي. فالذي اكتملت عنده ملامح الثقافة الجمالية لن تراه إلا محافظا على النظام، وملتزما بالوقت، وقائما على مصالح الآخرين، بابتسامة تبعث الأمل في المحبطين، وترفع الغبن عن المحرومين، لأنه يحمل الرسالة الإيجابية في الحياة، وصدق إيليا أبو ماضي حين قال: كن جميلا ترى الوجود جميلا.
إن الثقافة السائدة في مجتمع ما كثيرا ما تجبر الفرد على أعمال أو ممارسات قد تفيد أو تضر بالناحية الجسمية، فمثلا كانت العادة في الصين في بعض الطبقات أن تُثنى أصابع الطفلة الأنثى وتُطوى تحت القدم، وتلبس حذاء يساعد على إيقاف نمو قدميها ويجعلها تمشي مشية خاصة، وكانت هذه المشية الخاصة من علامات الجمال.
إن اثر الثقافة على الفرد والمجتمع عظيم وتساهم بشكل فعال في تطور وبناء المجتمعات، من خلال الآتي: